هي لحظة تعيد إلى المشتاقين مَن غابوا، وتُغيِّب عن عيون المحبين مَن أحبُّوا.. لحظة نستقبل فيها مَن نستقبل، بينما آخرون يودِّعون مَن يودِّعون.. لحظة ينتهي فيها نصف العالم من طعامه، بينما يكون النصف الآخر قد بدأ الطعام.. في اللحظة نفسها التي تبدؤون فيها قراءة الزاوية، ينهض أحد من النوم، بينما يكون أحد قد ذهب إلى الفراش.. في اللحظة التي لا تتعدَّى سوى لحظة يشهد فيها العالم احتفالات بزواج، واحتفالات بمواليد جدد، واحتفالات بنهاية خصام.. يعود العشاق، والأصدقاء والأقرباء، والغرباء المتخاصمون إلى بعضهم.. وفي اللحظة التي يحدث كلُّ هذا، يسير آخرون في جنازات مَن ماتوا، ويُطلَّق فيها مَن يُطلَّق من المتزوجين. في اللحظة نفسها، يقول مَن يقول لمَن يحب: أحبك، ويقول مَن يقول لمَن يكره : أكرهك.. في اللحظة نفسها، يقول مَن يقول لمَن سامح: سامحتك، ويقول مَن يقول لمَن لم يسامح: لن أغفر لك، في اللحظة نفسها، يبكي أحد من خبر يُبكِي، بينما أحد يضحك من خبر مفرح.. هل انتهيتم من قراءة الزاوية. لا يهم، طالما أنَّ العالم قد تغيَّر بما يكفي.. تغيَّر على طريقته دون أن يهتمَّ ما إذا كان أحد منا قد كتب زاوية، أو أن أحداً منا قد قرأها.. أليست كل حياتنا مجرد كلمات.. كلمات نبدؤها بوُلِد وننهيها بمَات! أما ما يخصُّ كلمة «عاش» التي تفصل بين ولادتنا وموتنا، فلها شأن آخر يتعلَّق بالأمل.. ذلك الأمل الذي يجعل حياتنا، كل حياتنا لحظة، مجرد لحظة نعيشها مع من نحب.. مع من نحب لا أكثر.