ربما طبق البعض هذه الحكمة , معتقدين أن ما يفعلونه هو عين الصواب .
ولكن في بعض الأحيان يتطلب الموقف الحديث والمجاهرة به , فالساكت عن الحق
شيطان أخرس , ولأننا لجأنا الى السكوت والابتعاد عن المشكلات , لم نعط واجب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر حقه , فأصبح سكوتنا عن المنكر سبباً غير مباشر
لتفشي هذا المنكر , وكم من ظاهرةٍ سلبية لم تعجبنا وسكتنا عليها مما أدى الى تفاقهما
وتحولها بعد مدةٍ من الزمن أمراً واقعاً نتقبله كحقيقة من حقائق الحياة ..
فمنذ عقدٍ أو يزيد كان " المغازل " شيئاً مشيناً ,
وكان منظر الشاب وهو يلاحق الفتاة أمراً معيباً , وكان تعليقنا دائماً " وين هله ؟ ماعرفوا يربونه "
لكننا الآن ما أن نسمع حديثاً يدور حول شاب أقدم على التحرش بفتاه حتى نقول
" خلوه .. كل الشباب اللي بسنه يسوون كذا .. بكرة يكبر ويترك كالعادة " يا عجبي !!
هذا البرود والسكوت والاستهتار تجاه هذه الظاهرة يجب أن تتوقف , لأنها أصبحت مصدر تفاخر
للشباب , فكل واحد منهم يتفاخر بعدد الفتيات اللاتي وقعن في شباكه , وكأنهن مجموعة من الأسماك
التي قام باصطيادها في سوقٍ تجاري أو محلٍ راقٍ , وللعلم أيضاً أن الظاهرة قد أصبح لها
طقوس بناتية .. فأصبح منظر الفتاة التي تتحرش بالشاب وتسعى الى الحديث وتبادل أرقام الهاتف
معه أمراً مكرراً نصادفه أمامنا .. وهذا لا يؤدي الى الاستغراب فلم نعد نتساءل كما نفعل سابقاً
"وين أهلهم ؟ "
بل أصبح الدعاء بالستر هو الذي يخفق بداخلنا لأننا قد نتوقع أن نرى في هذه الشلة
شخصاً نعرفه أو ربما أحد أو احدى القريبات ..
ترى ما الذي سنفعله لهم ؟ .. لا شيء .. لأننا اعتدنا أن نقول أنها سنة الحياة ..
وان كنا نحن صامتين فان الظاهرة تأبى أن تقف مكانها , فهي تتحول من سيءٍ الى أسوأ
وكل يوم وببطيء تجري سلوكيات أكثر سوءاً وتصل الى مظاهر سلبية ان قمنا بالسكوت عنها
وهي بذلك تعني بداية الانحطاط والدمار لأي مجتمع ..
نسألك اللهم العفو والعافية ..