بعد أن كنا معًا..
بعد أن كنا لا نفترق..
أو كالشمس التي لا تحترق..
كالشمس التي لا تغرب..
أو كالقمر الذي لا يأ فل..
أو كالعبير المنتشر المتجدد دائمًا..
الذي ينتثر فوق أعالي البحار..
وفي أعماق المحيطات..
نعم...
بعد أن كنا معاً ..
لا تفرقنا الأقدار..
بعد أن كان قدرنا معًا..
رسمناه معًا..
مشينا طريقنا خطوة بخطوة..
ارتأينا في مستقبلنا ..
الذي كان كالفراشات الوردية..
التي تنثر البهجة والسعادة في نفوس الآخرين..
ارتأينا حاضرنا معًا..
فجملنا كل ما كان يجب أن يكون جميلاً..
وزينا كل ما رائع..
وبعثنا رونقًا أصيلاً على كل ما هو أصيل..
بعد أن قابلنا أقدارنا الممزقة معاً..
بعد أن لمحنا معًا نهاية الطريق..
بعد أن تشعبت الطرق بنا..
إلى متفرقاتٍ كثيرة لا يمكن من خلالها ..
أن نلتقي..
فرقتنا تلك الأقدار..
فيالصدفة البحتة...!
هي نفسها تلك الأقدار التي جمعتنا..
ولكنه القدر هو القدر..
يجمعنا ويفرقنا..
يسعدنا ويحبطنا..
يشرقنا ويغربنا..
فبعد أن كنا معًا..
سويًا نلتقي في نفس المحطة كل يوم..
بعد أن كنا نمسك بشراع المركب سويًا..
جاءت الأقدار..
لتفرقنا..
فكان لنا مع أقدارنا وقفة..
حان موعد الرحيل..
إذ كان لنا مع الرحيل موعد..
نعم حان الرحيل..
قد يكون الرحيل أصدق من البقاء..
حتى لا تتناثر تلك المشاعر الصادقة..
التي جمعناها معًا..
فكنا هنا..
حان الرحيل..
لأن مشاعر الرحيل لابد أن تكون اصدق..
لأن الدموع عند الرحيل لابد أن تكون أقوى..
لأن آلام الرحيل لابد أن تكون أشد وقعًا..
حان الرحيل..
حتى لا تضيع أحلامنا التي رسمناها معًا..
حتى لا تتلاشى كل تلك الأماني التي رسمناها سويًا..
حتى لا تحترق قلوبنا..
ألمًا..
وندمًا..
على كل ما تركناه جميل ورائع معاً..
حان الرحيل..
وما كان له إلا أن يحين..
وقبل الرحيل..
لابد أن يكون لنا وعد معًا..
وعد مع أحلامنا..
وعد مع كلماتنا الذي تحتضر شوقًا..
وعد مع حروفنا قبل أن تتلاشى..
وعد مع أقلامنا التي انتحرت في نفس المكان الذي ولدت فيه..
وعد بالبقاء حينما يكون البقاء مساويًا للرحيل..
فسأرحل..
وعد بالأحتضار حينما يكون الموت مساويًا للحياه..
فسأرحل..
وعد بالحضور حينما يكون الحضور مساويًا للغياب..
فسأرحل ..
وداعًا أقولها..
والشوق يعتريني.. كما تعتريني أحزاني..
لأن الحضور معهـــا يساوي الغياب..
فغيبي يا حروفي..
لأن الموت أصبح يساوي الحياه..
فاحتضر يا قلمي..
لأن الرحيل أصبح يساوي البقاء..
فارحلي يا نفسي..
إلى قلبي..
إلى وطني..
عودي إلي..
بعد أن تركتك معها لترتوي من جزيل المشاعر..